"النتن العظيم" عندما غرقت لندن في الفضلات البشرية

 

إعداد وكتابة : أحمد مصطفي 


النهاردة هنتعرف  على كارثة عرفتها مدينة لندن لكنها غريبة وطريفة نوعا ما

 والمقصود بالمقالة مش  السخرية من احداث عرفتها مدن وبلدان لكن المقصود أخذ العبرة منها وايجاد حلول زي اللى لاقتها الدول دي  

ونبتدي منين ؟ نبتدي من  مدينة لندن منتصف العام 1858.

خلال الاربعينات من القرن الـ17  كانت مدينة لندن مدينة صغيرة لكنها كانت بتتميز بكثافة سكانية كبيرة وكانت قنوات الصرف الصحي فيها صغيرة وقديمة جدا مبنية من القرميد المتأكل و المتهالك جدا

فكانت الفضلات البشرية والنفايات اللى بتصرفها القنوات دي بتصب في نهر التايمز وبتبدأ تتراكم علي ضفاف النهر وكانت الناس في الوقت ده بيشتغلوا في مهن غريبة ومقرفة جدا في نفس الوقت لكنها كانت بتمثل مصدر رزق لناس كتير وقتها فكانوا بيروحو لضفاف نهر التايمز وبيجمعوا الفضلات البشرية اللى كانت موجودة علي ضفتي نهر التايمز ويقوموا يبيعوها سماد للفلاحين عشان يسمدوا ارضهم بيها ، والشغل ده كان بيقلل من كمية تراكم النفايات والفضلات علي ضفتي النهر .



لكن الحكومة البريطانية زيها زي اي حكومة في العالم لازم تعمل قرار يخرب الدنيا ، سنه 1847 قررت بريطانيها باستيراد من امريكا الجنويسة وكان السماد ده اسمه "جوانو"

وكان سبب استيراد السماد ده بالذات لانه كان رخيص وليه تأثير كويس جدا للارض الزراعيه ، وعليه بطل الناس يشتروا الفضلات والنفايات البشرية ، وده ادي الي انها تتراكم وبشكل كبير علي ضفاف نهر التايمز مع مرور الوقت، وزادت اكتر بسبب زيادة الكثاقة السكانية في لندن اللى وصل عدد سكانها لـ 3 مليون نسمه

ومع بداية الثورة الصناعية وظهور المصانع اصبحت المجاري مش قادرة علي تصريف كل الفضلات والمياه الثقيلة وخصوصا انه ماكنش فيه تحديث للمجاري  بقي يتسرب غاز الميثان وغازات تانية كتير وبسبب ده بقت تحصل حرايق كتير في مدينة لندن ، واللي زاد الطين بله هو اختلاط مياه الشرب بمياه المجاري ، وده ادي لانتشار "مرض الكوليرا" اللي بسببه مات ناس كتير .

وفي سنه 1858 حلت الكارثة اللى محدش كان متوقعها فبحلول شهر يوليو واغسطس ومع ارتفاع دراجات الحرار زاد الروائح الكريهه واصبحت لا تطاق في لندن بالكامل ، وبقي نهر التايمز عبارة عن مجاري لان الفضلات البشرية والنفايات الصناعية بقي بعلو 3 متر علي ضفاف النهر ، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ادت لانخفاض في مستوي نهر التايمز وده حول النفايات لسوائل قذرة بريحه لا تطاق، كمان اتشكلت طبقات من الغازات زي السحب كده في سطح نهر التايمز وكان باينة جدا للكل .

اما الشوارع بقي بالناس مابقتش تتحمل تمشي فيها بسبب قوة الراويح العفنة وحتي مياه الشرب بقي ريحتها بشعة وبقي الناس مش عارفين يشربوا ازاي ، فابقي سكان مدينة لندن بيشتكوا من الراويح الكريهه في كل مكان .

واتسمت الازمة دي بأزمة "الرائحة الكريهه" وبقت حديث كل الصحف والناس والكل كان قرفان من الوضع المعفن اللى بقي يميز لندن واهلها ، لدرجة ان ناس كتير سابوا بيوتهم وانتقلوا عشان يعيش في اماكن تانيه بعيد عن لندن.

ده حتي العمال اللي شغالين في المصانه اللى جنب نهر التايمز دخلوا في اضراب بسبب الراويح دي.

حاولت الحكومة  انها تشوف حل للوضع المأساوي ده ، راحت الحكومة قامت بسكب كميات كبيرة من "الطاشير الجيري" و "كلوريد الكلس" و "حامض الكربوليك" في نهر التايمز واتحملت التكلفة المادية الكبيرة  .

لكن مع تزايد سخط الناس وطبقة الكتاب والموظفين حاول البرلمان انه يعقد جلسات لمناقشة ازمة " الرائحة الكريهه"

لدرجة انه في الجلسات تم نقع ستاير البرلمان في كلوريد الجير عشان يتغلبوا علي الريحه دي خصوصا ان مبني البرلمان كان قريب جدا من نهر التايمز ، ومن شدة الريحه راح نواب البرلمان اضطروا انهم يمشوا بسرعة



مبني البرلمان البريطاني

بقت ازمة الراوئح الكريهه حديث الناس سواء بقي الفقرا او الاغنيا ، وشنت طبقة المثقفين والكتاب هجوم عنيف علي الحكومة بسبب فشلها في حل للازمة دي ومع الوقت الازمة بتزيد اكتر .

انفراج الازمة

بعد مناقشات كتير  والبحث عن حلول ظهر المهندس المدني "جوزيف بازالجيتي"

اللي قام بتخطيط جديد للمجاري عشان يتم  نقل المخلفات السائلة للشرق عبر بناء سلسلة من شبكات الصرف الصحي الضخمة واللي بتصب خارج العاصمة لندن.

 بدأ العمل علي المشروع سنه  1859 حتى عام 1875 حيث شمل شبكة ضخمة من الانفاق والمجاري  وبتعمل بكفاءة عالية لحد النهاردة ، المشروع خلي  مدينة لندن خالية من الروائح تدريجيا لحد ماختفت الريحة نهائيا

نظام المجاري في لندن 


نظام مجاري المهندس "بازالجيتي " انقذ حياة ناس كتير من الامراض اللى كانت بتتنقل من خلال المياه ، كمان خلي مدينة لندن مدينة نضيفه .


"بازالجيتي" مصمم نظام المجاري في لندن 


وبقي المهندس ده بمثابه المنقذ لمدينة لندن بالكامل ، ويعتبر "بازالجيتي" اهم راجل في لندن لحد النهاردة.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سر الصلبان علي اعمدة المعابد الفرعونية

قرية للنساء فقط في مصر ومحرمة على الرجال

السيد البدوي . ما بين الحقيقة والخرافة